4 نصائح لتعزيز التواصل ضمن الفرق الهجينة والعاملة عن بعد

في عالم الأعمال المعاصر، لم يعد العمل محصورًا في المكاتب التقليدية، بل شهد تطورًا كبيرًا بفضل التقنيات الرقمية التي سمحت بتشكيل فرق عمل هجينة وأخرى تعمل عن بُعد بالكامل. هذه التغييرات فرضت تحديات جديدة على أساليب التواصل داخل المؤسسات، حيث أصبح من الضروري إعادة النظر في استراتيجيات الاتصال وتطويرها بما يضمن الانسجام والكفاءة. ضعف التواصل قد يؤدي إلى سوء الفهم، وانخفاض الإنتاجية، وتراجع الروح المعنوية، وهو ما يهدد نجاح الفرق العاملة بنمط غير تقليدي. من هذا المنطلق، يتطلب التواصل الفعّال في بيئة الفرق الهجينة والبعيدة التزامًا واعيًا بعدد من المبادئ والممارسات المدروسة.

فيما يلي، نستعرض أربع نصائح جوهرية لتعزيز التواصل داخل الفرق الهجينة والعاملة عن بُعد، مستندين إلى أحدث الدراسات والممارسات المثبتة التي تعتمدها كبرى الشركات والمؤسسات العالمية.

1. وضع بنية تواصل واضحة ومنتظمة

واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الفرق الهجينة هي غياب التواصل التلقائي الذي يحدث في المكاتب التقليدية. الموظفون العاملون عن بعد لا يصادفون زملاءهم في الممرات ولا يشاركونهم الأحاديث القصيرة التي قد تساهم في بناء علاقات إنسانية وتحفيز التعاون المهني. لذا، يصبح من الضروري وضع هيكل واضح ومُجدول للتواصل، يشمل أنواع الاجتماعات، وتكرارها، وأهدافها، وأدواتها.

من أهم أشكال البنية التنظيمية للتواصل:

• الاجتماعات اليومية أو الأسبوعية الثابتة: مثل اجتماعات الـ Stand-up اليومية أو اجتماعات التحديث الأسبوعي، والتي تتيح لكل عضو التعبير عن إنجازاته، وعقباته، وخططه المستقبلية.

• قنوات مخصصة لمواضيع معينة: من خلال أدوات مثل Slack أو Microsoft Teams، يمكن إنشاء قنوات خاصة لكل مشروع أو قسم لتجنب تشتيت المعلومات.

• وثائق إرشادية واضحة للتواصل: يجب إعداد دليل داخلي يوضح سياسات التواصل، وأوقات الاستجابة المتوقعة، والوسائل المناسبة لكل نوع من الرسائل.

بفضل هذه الهيكلة، يمكن تقليل سوء الفهم وزيادة الشفافية، مما يعزز من شعور الانتماء بين أعضاء الفريق.

2. استخدام أدوات رقمية متكاملة تدعم جميع أنماط العمل

الفرق الهجينة بحاجة إلى أدوات تقنية قوية تجمع بين القدرة على إدارة المهام والتواصل الفوري ومشاركة المستندات والتعاون في الوقت الحقيقي. اعتماد أدوات غير مترابطة أو غير متكاملة قد يؤدي إلى تشتت الجهود وصعوبة تتبع العمل.

من أبرز الأدوات الموصى بها:

ينبغي أن تُختار الأدوات بناءً على سهولة استخدامها، ومدى أمانها، وقدرتها على الاندماج مع الأدوات الأخرى المستخدمة في الشركة. كما يجب تدريب الفريق جيدًا على استخدامها، وتحديث قائمة الأدوات بشكل دوري بحسب الحاجة.

3. تعزيز الشفافية وبناء الثقة بين أعضاء الفريق

التواصل الفعال لا يتحقق فقط من خلال الوسائل التقنية، بل يعتمد أيضًا على جودة العلاقات بين الأفراد. غياب اللقاءات الحضورية قد يؤدي إلى شعور بالعزلة، أو إلى سوء فهم ناتج عن نقص الإشارات غير اللفظية التي توضح النية والسياق. لذا، ينبغي تعزيز الشفافية وبناء بيئة تشجع على الثقة والانفتاح.

أبرز ممارسات تعزيز الشفافية:

• مشاركة المعلومات بوضوح ودون تحفّظ: يجب أن تكون قرارات الإدارة وتوجهات المشاريع معروفة ومتاحة لجميع أعضاء الفريق.

• تقييم الأداء بناءً على نتائج ملموسة: الابتعاد عن التقييمات الغامضة أو المبنية على الوجود الفعلي في المكتب، والتركيز على الإنجازات.

• التشجيع على التغذية الراجعة المتبادلة: إنشاء بيئة آمنة تسمح للموظفين بالتعبير عن آرائهم حول العمليات دون خوف من العواقب.

• إبراز ثقافة التقدير والاعتراف بالجهود: مشاركة النجاحات الصغيرة والكبيرة وتكريم المساهمين فيها يعزز من الشعور بالانتماء.

الثقة في الفرق الهجينة لا تأتي تلقائيًا، بل تُبنى بالتدريج من خلال الممارسات اليومية التي تعكس الاحترام المتبادل والعدالة والاحترام لمجهود كل فرد.

4. تطوير المهارات الشخصية والذكاء العاطفي لدى القادة وأعضاء الفريق

نجاح التواصل ضمن الفرق الهجينة لا يعتمد فقط على الأدوات أو القنوات المستخدمة، بل يعتمد بشكل كبير على المهارات الشخصية للأفراد، وخاصة لدى القادة والمديرين. فالقائد الذي يتمتع بذكاء عاطفي عالٍ يستطيع فهم مشاعر الفريق، وإدارة النزاعات، وخلق أجواء محفزة، حتى عبر الشاشات.

مهارات يجب تطويرها:

• الاستماع الفعّال: لا يكفي الاستماع إلى الكلمات، بل يجب فهم المقصود ومراعاة السياق.

• القدرة على التعبير بوضوح: التعبير بلغة واضحة ومباشرة لتجنب سوء الفهم في الرسائل المكتوبة.

• إدارة الوقت والالتزام بالمواعيد: احترام الجداول الزمنية والاجتماعات يعزز من الثقة والاحترافية.

• المرونة والتفهم: التعامل مع اختلافات الثقافات، والمناطق الزمنية، والظروف الشخصية للموظفين عن بعد.

يجب أن يتلقى القادة تدريبات دورية على إدارة الفرق عن بُعد، بما يشمل تقنيات التحفيز والتوجيه وتقديم التغذية الراجعة عن بعد بطرق بنّاءة.

خلاصة تطبيقية: كيف تطبق هذه النصائح على أرض الواقع؟

تطبيق هذه النصائح يحتاج إلى استراتيجية شاملة تبدأ من أعلى الهرم الإداري وتشمل كافة المستويات، حيث يتم اعتماد ثقافة عمل هجينة تقوم على الشفافية والتقنيات المتقدمة ومهارات تواصل إنسانية. من خلال الجمع بين البنية المؤسسية والتنمية الشخصية، يمكن تحويل الفرق الهجينة إلى كيانات متماسكة تتسم بالكفاءة والانسجام والقدرة على التكيف مع التحديات المتغيرة في سوق العمل الرقمي.

المراجع:

1. Harvard Business Review – “A Guide to Managing Your (Newly) Remote Workers”

2. McKinsey & Company – “Reimagining the post-pandemic workforce”